"مضا شهران منذ أول رنين لناقوس الخطر الذي أنذر بحال غير معتاد، حال يعيدنا بالذاكرة إلى شتى الأوبئة والكوارث التي حلت بالعالم .. كل عناوين الأخبار و الصحف تتشدق ضد كبرياء البشر. بدأت الفوضى !
استقبلت هذا الخبر بهدوء، بلا مبالاة تارةً وبانفصالٍ عن الواقع تارةً أخرى. كان كل شيء يُغلق .. من نوافذ غرفتي حتى شوارع المدينة ..
كحال الإنسان المغترّ بنفسه، سأفعل كذا وكذا، سأكمل رتوش لغتي الإنجليزية، سأتابع الإيطالية، سأتقن المهارة تلك .. والعديد.
ككل مرّة .. وككلّ إغلاق ذاتيّ مني .. كانت روحي تقصد عديداً آخر.
الناس حولي تتذمر، تريد الخروج، تريد متابعة الحياة ، وتتقافز من الخوف، تتنبأ ! وتتفاءل .. هه تتفاءل. وأنا التيّاه في مكانٍ آخر.
نفس الأيادي السوداء، شدّت لحيتي نحو الأسفل، مسحت بالليل جفوني، أكلت ساعاتي .. مضغَتْها و تقيأتْها ضياعاً وسهاداً.
يداي ..
كان هذا الحال ما اعتدته منذ عامين، لم يتغيّر شيء .. أنغمس في سوادي كلّ مرة أكثر. أعاشر العذاب كمُهاجِر. واتركُ الفراغ يملأ كلّ شيء.
ما أستجدِ صراحةً، هو أنّي كنت أصبح أخفَّ وزناً، أكثر اجتماعيةً وشُهرة، حريصاً على واجباتي، مغتبِطاً بأدائها، لُغاتي أصبحت أعذب وأطلق، و زادت مهاراتي .. أصبحتُ مثالياً !
أو هذا ما شعرته عندما قبضت يداي عنقي هذا المساء .. أمام المرآة - ياللعادة السيئة ليدين قبيحتين - .. ازرَقَّ وجهي قليلاً.
توقفت لأكتب ! .. ها هنا.
كانت فترة حجرٍ رائعة وكانت ستنتهي الآن بروعةٍ أكثر .. قُطعت من أجل هذه الأسطر ..
شكراً .."