خيال

Like372
Post
الصورة
painting

 قَبْلَ دُخُولِيَ مُستشْفَى الأَمْرَاضِ العَقْلِيَّةِ كُنْتُ أَجْلِسُ مَعَ عَائِلَتِي مُتَصَفِّحاً الإنترنت .. فَرَنَّ هَاتِفُ وَالِدِي رَحِمَهُ اللهُ الَّذِي أَجَابَ قَائِلًا "أَهْلًا وَسَهْلًا .. نَتَشَـرَّفُ بِزِيَارَتِكُم لَنَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ" كَانَ هَذَا عَمِّي وَأُسْرَتَهُ الَّذِيْنَ لَمْ نَرَهُمْ مُنْذُ سِنِيْن؛ بِسَبَبِ غُرْبَتِهِم فِي إحَدَى الدُّوَلِ الأُورُوبِّيَّةِ، حَتِّى أَنَّنَا لَا نَكَادُ نَذْكُرُ كَيْفَ يَبْدُونَ. وبَدَأْنَا بتَجْهِيزِ غُرْفَةٍ لَهُم مُنْتَظِرِينَ وُصُولَهُم. وَفَجْأةً ... اِتِّصَالٌ مِنْ هَاتِفِ عَمِّي .. "حَادِثُ سَيْرٍ فِي مَنْطِقَةِ المَجْمُوعَةِ الثَّقَافِيَّةِ، سَيَّارَةٌ عَلَى مَتْنِهَا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَطِفْلَةٌ وَرَضِيْعٌ" .. هَرَعَ أَبِي وَذَهَبَ عَلَى الفَوْرِ مَعَ أُمِّي إِلَى مَنْطِقَةِ الحَادِثِ وَتَرَكَانِي فِي المَنْزِلِ .. بَعْدَ مُدَّةٍ دُقَّ جَرَسُ البَابِ، اِعْتَقَدْتُ أّنَّهُمَا وَالِدَايَ، فَإِذْ برَجُلٍ وَامْرَأَة تَحْمِلُ رَضِيعاً، وَطِفْلَةٌ صَغِيرَةٌ بِعَيْنَيْنِ زَرْقَاوَيْن تَبْتَسِمُ ابْتِسَامَةً مُرِيبَةً ... قُلْتُ: أَهْلًا .. مَنْ أَنْتُم؟! قَالَ الرَّجُلُ: أَعْتَقِدُ أَنَّكَ اِبْنُ أَخِي .. أَدْخَلْتُهُمُ المَنْزِلَ مُرَحِّبًا بِهِم، سَأَلْتُهُم عَنِ الحَادِثِ فَأَجَابُوا أَنَّ عَمِّي لَا يَمْتَلِكُ رُخْصَةَ قِيَادَةٍ وَأَنَّهم اسْتَقَلُّوا الحَافِلَةَ لِلوُصُولِ إِلَينَا ... اِتَّصَلْتُ بِوَالِدِي لِأُخْبِرَهُ بِمَا حَدَثَ وَمَا هِيَ إلَّا دَقَائِقَ حَتَّى دَخَلَ الـمَنْزِلَ، فَقُلْتُ لَه: "أَهْلًا أَبِي، إنَّهُم عَمِّي وأُسْرَتُه".. كُنْتُ أُشير بإصْبِعي على أماكن جلوسهم .. عَلَى الأَرِيكَةِ وَالبَابِ وَكُلِّ مَكَانٍ .. قَالَ والِدِي: اِهْدَأْ بُنَيَّ، مَا بكَ؟ ألا تذكر أنهم مَاتُوا بِالحَادِثِ! فَرَكَضْتُ أَبْحَثُ عَنْهُم فِي أَرْجَاءِ الـمَنْزِل فَلَمْ أَجِدْهُم! لَمْ أُصَدِّقْ مَا حَصَلَ.. لَقَد كَانُوا هُنا قبل لحظات!! .. خَرَجْتُ مِنَ الـمَنْزِلِ بَاحِثًا عَنْهُم مُتَلَفِّتًا كَأَبْلَهٍ حَتَّى هَوَيْتُ عَلَى الأَرْض .... جَاءَتِ امْرَأَةٌ ذَاتُ شَعْرٍ أَسْوَد طَوِيْلٍ، تَرْتَدِي ثَوْبًا غَرِيْبَ الشَّكْلِ فَسَاعَدَتْنِي عَلَى النُّهُوضِ وَسَأَلَتْنِي: "أَيْنَ تَعِيشُ؟ أَشَرْتُ إِلَى مَنْزِلِنَا فَقَالَتْ: "أَتَمْزَحْ؟! أَلَا تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الـمَنْزِلَ هُجِر مُنْذُ وَفَاةِ صَاحِبِهِ وَزَوْجَتِهِ؟! ... وَفَاة!!! إِنَّهَا تَقْصِدُ وَالِدَايَ ... سَأَلْتُهَا: "كَيْفَ مَاتُوا؟ قَالَتْ: "مِاتُوا عَلَى مَتْنِ طَائِرَةٍ تَحَطَّمَت فِي حَادِثَةٍ مُرِيْعَةٍ ... سَأَلْتُها: "مَتَى؟" ... قَالَت: "مُنْذُ عِشْريـنَ عَامًا لَقَد كَانَا مُسَافِرَيِنِ لِعِلَاجِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا لَا تُنِجِب .......

قصص