لقد فكرت بالأمس بكتابة العديد من الأشياء الحزينة التي أشعر بها
ولم أستطع ذلك لتغلّب الحزن عليّ.. يبدو أن مفعوله قوي جداً
إذاً.. لقد انتهى هذا العام وأخيراً.. هذا صحيح والحمد لله، سعيدة بذلك جداً
مع أنني لا أؤمن جداً بالأرقام وتأثيرها، لكنه حقاً كان عاماً مرعباً من شدة سوءه.. ولولا رحمة الله إلا أنني لا أدري ماذا كان حصل.
سنة سعيدة جديدة يا قوم! لعلّها تحمل السعادة المنتظرة لكم جميعاً..
سنة سعيدة لعائلتي التي أحب، لقوّتهم على العطاء والحبّ، لقدرتهم على إسعادي.. سنة سعيدة لكتفهم الذي لا يميل، لسواعدهم التي لا تنهزم، لكلماتهم التي لا تعجز عن إسعادي.
سنة سعيدة إخوتي القريبين حدّ العين، البعيدين جداً، إخوتي أولئك الذين يملكون الجزء الأكبر والأقسى من الشوق، الجزء الكبير من الأمنيات والأدعية، أن أجتمع معهم ليلة ميلادية واحدة أقضي بها كل ما كنت أقضيه معهم وحدهم، على سُفرة واحدة، على أنغام واحدة، نتشارك حتى الخناقات التي تنتهي بالنسيان فوراً.
سنة سعيدة لأقاربي الذين حقاً أشتاقهم في ليلةٍ كهذه.. ليس لسبب احتفاليّ وإنما لسبب عائلي وأناشيد ممتزجة بضحكات شبابية وطفولية وعائلية، للأحاديث التي كانت تنتشر أرجاء الغرفة فلا تستطيع تمييز أحدها عن الآخر لكثرتها، للأكلات اللذيذة التي لا تعلم من أين تبدأ بها؟ ماذا تأكل منها؟ وكيف يمكن أن تتذوقها جميعاً دون أن تشبع منها.. ولا تشبع من طيبتها.
سنة سعيدة لسطح منزلنا الذي طالما احتفلنا به نحن الأطفال حين تنطلق الألعاب النارية معانقة السماء وتأخذنا معها في جولة ملوّنة خلّابة دون أن نخاف منها أو أنها قد تؤذينا.
سنة سعيدة لمنزلنا الجميل! لا أعرف للآن ما هو حالك وكيف قست عليك الأيام.. هل ما زلت دافئاً؟ جميلاً؟ واسعاً ومليئاً بالحب؟ لا أعلم، ولا يهم.. سأزورك يوماً أعدك وسأعيدك إليّ.
سنة سعيدة يا أصدقائي.. أصحاب الوقوف والوقوع، أصحاب البكاء والضحك والسَّير الطويل بلا ملل، أصحاب هذه الحياة وعذابها وجمالها، أصحاب الأوقات الصباحية الدافئة، والأوقات المسائية الجنونية، للبعيدين والقريبين، للوحيدين، للأقوياء والأوفياء.
سنة سعيدة لكلماتي التي لا أدري ماذا أفعل بدونها! للحروف التي تنتشلني من وحدتي وعُزلتي، لعلامات الترقيم التي تسمح لي بوضعها حين أحتاج وأضبط بها إيقاع النص الذي أريد، للعناوين التي تساعدني بالتعبير عنّي وتُعيدني للسطر التائه مني.
لكاميرتي التي صنعت لي الكثير والكثير من لحظات السعادة وأنقذتني أحياناً من الإفلاس.. وساعدتني حقاً بتحقيق ذاتي والتحكم بما أريد، وأنها عانت كثيراً معي وتحمّلت كل محاولات النجاح وأبهرتني رغم قِدَمها.
سنة سعيدة للشوارع والحارات التي لو كنتُ مكانها لمللتُ منّي، التي رأت ضعفي وقوتي وسرعتي و تعبي، التي أسير بها لأستعيد توازني قليلاً.. سنة سعيدة لياسمينها، وأبوابها، ونوافذها الفريدة، وأشجارها العتيقة وأوراقها المختلفة.
سنة سعيدة لكل الأماكن والمقاعد التي رفضت استقبالي.. أتمنى لكم أن تروني بعد فترة في مكان أعلى من مكانكم وأقوى وأجمل، أحقق به ما أريد بعيداً عنكم.
سنة سعيدة لأزهاري المجففة، لمكتبتنا الصغيرة، لدفاتري الفارغة التي أعد أن أملأها قريباً، لحقيبتي التي تتسع كل حاجياتي، لحذائي المفضّل الذي أشعر حين أرتديه بالسعادة، لملابسي التي أشعر بها أنني فريدة.
سنة سعيدة يا أمّي! هل ظننتِ أنني نسيتك؟ هل ينسى المرء نفسه؟ كل عام وأنت هنا دائماً يا أمي، بقربي، بمحاذاتي، في قلبي.. سنة سعيدة لعينيكِ اللتان لا تشيبان أبداً، لقلبك الذي لا يصغر، لعطاءك الذي لا ينتهي، ليديك اللتان لا تبردان، لصباحاتك التي لا شبيه لها.. سنة سعيدة يا أمي.
سنة سعيدة لي.. لمحاولاتي الخائبة أحياناً والناجحة، لإصراري على المتابعة في ظل العقبات الأقوى مني ومن كل شيء حتى، لمشاعري التي لا تخذلني وأفكاري التي أحيا بها، لخيالاتي التي تمنحني حياة مختلفة تماماً عن التي أعيشها، لعالَمي الافتراضي الذي يسمح بتحقيق كل ما أحلم، لقدرتي على الحلم!
سنة سعيدة لكل عينٍ تقرأ، ولكل يدٍ تربّت، ولكل قلبٍ ينصت، لكل عقلٍ يُفكر ويُبدع، لكل حالم وكاتب وساعٍ في هذه الحياة..
سنة سعيدة.